الرد علی شبهات اتباع أحمد البصري حول ضرورة علم الرجال

●عدم الأعتناء بحال الراوي
○ ومن جملة هذه الشبهات التي طرحوها اتباع احمد البصری حول علم الرجال ، یقولون أن هنالک طائفة من الروایات تدل علی عدم الأعتناء بحال الراوي، وضرورة قبول خبره وإن کان معروفا بالکذب، وهی بهذا تسقط علم الرجال عن الأعتبار بشکل مطلق.
کالروایة التالیة:
عن أبي بصیر، عن أبي جعفرعلیه السلام _او عن أبی عبدالله_ قال: ولا تکذبوا الحدیث إذا أتاکم به مرجئي ولا قدري ولا حروري(الفرق الباطلة) ینسبه إلینا، فإنکم لا تدرون لعله شیء من الحق فیکذب الله فوق عرشه[1]
ویقولون تعلیقا علی علم الرجال: فهؤلاء المتزمتون میزانهم الثقة وغیر الثقة ، وأهل البیت علیهم السلام یقولون لاتکذبوا ولا تردوا ما جائکم به مرجئی ولا قدري ولا حروري .
أقول: أن من المعلومات الواضحة التي شیدها المحققون من علماء الرجال، _کالمحقق الخوئي_عدم الملازمة بین فساد العقیدة و کذب اللسان، إذ رب صحیح العقیدة کاذب اللسان، ورب فاسد العقیدة صادق اللسان.
فالتشبث بروایة القدري والمرجئي والحروري لا یفید هذا المدعي شیئا ، لعدم المحذور في الأخذ بروایاتهم من ناحیة فساد عقیدتهم إن کانوا لا یکذبون.
الروایة الثانیة: عن حسین إبن أبي یعلاء: 《سألت أبا عبدالله علیه السلام عن إختلاف الحدیث یرویه من نثق به، ومنهم من لا نثق به؟ فقال: إذا ورد علیکم حدیث ، فوجدتم له شاهدا من کتاب الله عز وجل ، أو من قول رسول الله صل الله علیه وآله ، والا فالذي جاءکم به أولی بها[2].
إذ قد یستظهر منها أن المدار لیس علی وثاقة الراوي ، وألا لقال الأمام علیه السلام ، في جوابه: 《خذ بخبر من تثق به》.
أقول:
من الواضح أن الطریق الأول في الحدیث(منهم من نثق به)لا یحتاج للسؤال فالظاهر أن السؤال منصرف عنه للسؤال عن الطریق الثاني(لأن وردت احادیث کثیرة تدل علی قبول خبر الثقة ورد خبر غیر الثقة)، ویکون المقصود منه: 《هل أن ورود الحدیث من هذا الطریق یسلبه القیمة مطلقا؟ مع أنه منسوب للمعصوم ومحتمل الصدور عنه؟》
وقد أجاب الأمام علیه السلام عنه برجحان التحري عن الشواهد من الکتاب والسنة عند مجیء هذا النحو من الأحادیث، فإن تم العثور علی شیء من ذالک فبها، والا فمن رواه أولی به.
الروایة الثالثة:
عن سفیان إبن السمط، قال: 《قلت لأبي عبدالله علیه السلام جعلت فداک، یأتینا الرجل من قبلکم یعرف بالکذب، فیحدث بالحدیث فنستبشعه؟ فقال ابو عبدالله علیه السلام: یقول لک إنی قلت اللیل إنه نهار والنهار أنه لیل؟
قلت لا فقال: فإن قال لک هذا إنی قلته فلا تکذب به ، فإنک إنما تکذبني[3]
أقول: اضافة الي القول الماضی بأن شرط قبول الروایة، صدق الراوي، وشرط ردها ، کذب الراوي،
أن المتتبع للروایات الشریفة یری أن هنالک ثلاثة أنحاء للتعامل مع أحادیث أهل البیت علیهم السلام ، قد تعرض لها المعصومون علیهم السلام وأوضحوا لأصحابهم وشیعتهم ، وهی:
الاول: قبول الأحادیث الشریفة والعمل علی طبقها.
الثاني: إنکار الأحادیث الشریفة وتکذیب مضامینها.
الثالث: رد علم الأحادیث الشریفة إلی اهلها العالمین بها.
ونتیجة هذه الأنحاء الثلاثة، هو التنبیه علی أن النهی عن تکذیب الأحادیث لا یعني قبولها بالضرورة ، لوجود خیار ثالث وهو رد علم الأحادیث إلی أهلها.
وکما هو واضح إن ماذهبوا الیه اتباع احمد البصري لو سلمنا به، لا یعني قبول کل روایة لوجود خیار ثالث.
●تصحیف الکتب والمصادر الرجالیة
ومن جملة الشبهات التي جعلوها علما في طعن علم الرجال، هی تصحیف الکتب والمصادر الرجالیة،
ویتحدث عن ذالک أحدهم فیقول: من تأمل في کتب الرجال بل في أشهرها _ وهی کتاب رجال الطوسي والنجاشي_ یجد أنها تعرضت للتصحیف والتحریف[4] (وهذا یعنی اسقاط جمله من التوثیقات والتضعیفات)
والجواب عن الشبهة:
ولا یخفی وهن هذه الشبهة، إذ أننا لو سلمنا بوقوع التصحیف فیها، فالتصحیف لیس علی مستوا واحدا ، لأن من التصحیف ما یخل بظواهر نصوص الکتاب الواقع فیه ، ومنه ما لا یؤثر_بسبب قلته_ بظواهر نصوص الکتاب الواقع فیه.
والذي یمنع من الأخذ بکتاب معین، هو النحو الأول من التصحیف ، وإما النحو الثاني من التصحیف، لاتخلوا منه الکتب کلها حتی کتب المصادر والکتب المعروفة ایضا تعرضت للتصحیف.
فأولا : إن السیرة جاریة علی العمل باکتب جمیعا من غیر توقف في أحد.
وثانیا: أن الذي یطرح هذا الأشکال فیلزم ان یترک العمل بکل الکتب، لأنها کذالک عرضت للتصحیف، ولکن هذا لا یعقل.
● عدم استیعاب کتب الرجال للمفردات الرجالیة
من الشبهات التي اوردوها حول حجیت علم الرجال هو عدم استیعاب الکتب الرجال للمفردات الرجالیة ، ویتحدث بعضهم عن ذالک قائلا، لایمکن حصر توثیق أو تضعیف الرجال فقط بکتب الرجال کرجال النجاشي والطوسي، لأنهم لم یذکروا کل الرواة، بل ربما لم یذکروا حتی عشر الرجال.[۵]
والجواب عن هذه الشبهة:
الرواة الذین لم تضبط أسمائهم فی المصادر الرجالیة
علی نحوین:
فبعضهم مما لا سبیل الی توثیقه بوجه من الوجوه ، بینما بعضهم ممن یتسنی توثیقه من خلال جمع القرائن .
والنحو الاول وإن کان وقوعه في سند روایة معینة مضرا بحجیتها بناء علی مسلک الوثاقة ، غیر أن النحو الثاني محقق لصغری الحجیة، مما یعني أن باب التقییمات الرجالیة_ توثیقا وتضعیفا_ بالنسبة للمجاهیل لیس موصدا.
ثم لا یخفی أن منتهی هذه الشبهة إنما هو محدودیة الکتب الرجالیة، لا إلغاء علم الرجال وإسقاطه عن الأعتبار.
● تناقض التوثیقات والتضعیفات الرجالیة
ومن جملة الشبهات التی جعلوها ستارا علی ضیاء علم الرجال، تناقض التوثیقات والتضعیفات الرجالیة،
ویتحدث عن ذالک احدهم فیقول:
أضف إلی ذالک تناقض علماء الرجال فیما بینهم، فنجد مثلا أن الشیخ الطوسي یوثق رجلا والنجاشي یضعفه وبالعکس ایضا بل نجد تناقض في قول العالم نفسه.[۶]
الجواب عن هذه الشبهة
وهذه الشبهة لیست بجدیدة، ولکن نجد أن هؤلاء ختموا علی هذه الشبهة اسمهم.
ومن الواضح أن غایة مایوجبه التعارض في التوثیقات أو التضعیفات هو اسقاط المتعارضین منها، إن لم یمکن ترجیح أحدهما علی الأخر بأحد المرجحات المعروفة عند علماء الرجال، ومن الواضح أن هذا لا یستلزم سقوط بقیة التوثیقات والتضعیفات السالمه عن التعارض عن القیمة والأعتبار.
إضافة إلی أن هذه الشبهات لو تمت(ولم تتم) فهی واردة علی الکتب الرجالیة ، ولیست واردة علی نفس علم الرجال ، ولکن نجد أن هؤلاء الجهال یتصورون أن کتب الرجالیة ، هی نفس علم الرجال.
ـــــــــــــــــــــــــ
1_المحاسن۱ / ۲۳۰
2_الکافي۱ / ۶۹
3_مختصر بصائر الدرجات۷۶
4_الوصیة والوصي
۵_الوصیة والوصي۲۶۲
۶_الوصیة والوصي 256